تقارير

متحفا إدلب ومعرة النعمان يحكيان التاريخ رغم القصف

متحفا إدلب ومعرة النعمان يحكيان التاريخ رغم القصف
ومطالبات بتوفير الحماية

خليل الصبيح – إدلب

لا يزال متحف مدينة إدلب على الرغم من الصراعات والحروب التي عصفت بالمدينة، يحتفظ بِلُقَىً أثرية من المدن الحاضرة في الذاكرة وخاصة آثار منطقة البارة وسرجيلا ومملكة إيبلا التي اكتُشفت عام 1965على يد العالم الإيطالي البروفسور باولو ماتييه، بينما كان الاكتشاف الأعظم عام 1974 وهو المكتبة الملكية في القصر الملكي الإيبلائي والذي يضم حوالي 16000 رقيماً مسمارياً وكسرة رقيم.

أما متحف الفسيفساء الأثري في مدينة معرة النعمان بريف محافظة إدلب، الذي يحتوي على 1600 متراً مربعاً من الموازييك (الفسيفساء)، كما يضم “خان مراد باشا” الذي تم تأسيسه في العهد العثماني، فلم تسلم لوحاته الموجودة في رواقه الشرقي والتي تعود للعصور القديمة من القصف بالبراميل المتفجرة من قبل طيران النظام، ما دفع فريق المتحف للحيلولة دون ضياع اللوحات لتجاوز هذه الحرب الفظيعة.

1

ووفق تقديرات متخصصة، تمتلك محافظة إدلب ثلث آثار سوريا، وتعتبر أحفلها بالأحداث التاريخية العائدة إلى حقبة الألف الخامس قبل الميلاد، ويتجلى ذلك في أوابدها التاريخية الهامة المنتشرة في المحافظة. حيث يوجد فيها 400 موقع أثري منها حوالي 200 تل أثري.

وبعد خروج قوات النظام وميليشياته من مدينة إدلب، لم يكتف الأخير باتهام قوات المعارضة بنهب متحفي إدلب ومعرة النعمان بسرقة القطع الأثرية وبيعها، بل عمد إلى قصفهما بالبراميل المتفجرة، لطمس معالم تاريخ المنطقة.

ويؤكد مدير مركز حماية التراث الثقافي السوري المستقل في المناطق المحررة “عبد الرحمن اليحيى” لـ”طلعنا عالحرية” أن القطع الأثرية والوحات الفسيفسائية، في متحفي إدلب ومعرة النعمان، لا تزال في حماية المركز بالتعاون مع الجيش الحر.

4

عمل دؤوب لفريق مركز حماية التراث لحماية المتحفين

وأضاف اليحيى أنه: “تم إفراغ صالات متحف إدلب الأثري بالكامل ووضع جميع القطع الأثرية في صناديق تم حفظها في مستودعٍ سري خوفاً من قصف الطيران الحربي”.

وفيما يخص لوحات الموزاييك في متحف المعرة، قال اليحيى: “قمنا بترميم كل اللوحات بقطع قماشية بطبقتين، إلى جانب ساتر حماية أمام كل لوحة، بطريقة علمية ومدروسة.

ولفت اليحيى إلى أنه ثمة موقع منسي في منطقة شنشراح أو خربة حاس التي تقع في منطقة جبل الزاوية وتبعد نحو 5 كم عن مدينة كفرنبل، وتعتبر إحدى المواقع الأثرية التي تعود للعهد الروماني البيزنطي، استهدفته طائرات روسية بثمانية صواريخ فراغية مؤخراً، مشيراً إلى أن فريق المركز وثَّق القصف وأرسل طلباً إلى منظمة “اليونسكو” منذ فترة دون أن يتلقّى رداً منها.

وعن اهتمام القوى الثورية السياسية، أوضح مدير المركز أن التنسيق مع الحكومة المؤقتة، كان على قدمٍ وساق في العام 2014، لكن سرعان ما تبدد في الفترة الأخيرة، دون اهتمامٍ واضح أو ملموس من قبلها.

الحرس الجمهوري في الثمانينات سرق التماثيل من المدافن الملكية في “فركيا”:

ويعيدنا اليحيى إلى الثمانينات إبان مجزرة حماة الشهيرة، إذ كانت قصص عمليات سرقة وتهريب الآثار يتناقلها جميع العاملين في المتاحف السورية، ويقول”إن فضائح بيع الآثار تورط فيها مسؤولون من نظام الأسد وعلى رأسهم رفعت الأسد”، ونقل على لسان أحد العاملين بالمتاحف في تلك الفترة، والذي لا زال على رأس عمله اليوم، أن “قوات نظام حافظ الأسد ممثلةً بالحرس الجمهوري جاءت إلى منطقة أثرية في ريف إدلب (موقع فركيا) الذي يحتوي على مدافن ملكية وأخذت تماثيل من الموقع إلى جهةٍ مجهولة في تلك الحقبة”.

وأكد ما سبق المؤرخ العالمي أندرياس كيلب؛ أي أن تهريب الآثارالسورية والإتجار بها كان من اختصاص رفعت الأسد في الثمانينات، ليخرج من سوريا بثروة هائلة مكّنته من شراء شارع كامل في باريس، وورث ماهر الأسد مهنة عمّه لتصبح المهنة حكراً على آل الأسد.

استمرار عمليات التنقيب عن الآثار من قبل مجهولين ولا حلول لوقفها:

الناشط الإعلامي هاشم الريمي أكد لطلعنا عالحرية وجود مجموعاتٍ مجهولة اليوم، تنِّقب عن الآثار في محافظة إدلب، دون رادعٍ من أحد، لافتاً أن العديد من المدافن الأثرية في القرى الأثرية القديمة التي تسمى المدن الميتة، تعرضت للحفر غير الشرعي من قبل لصوص الآثار.

بدوره، أكد الصحفي علي إبراهيم من بلدة البارة في ريف إدلب أن الآثار السورية هي ملك للجميع وهي تاريخ سورية، وليس لها أي علاقة بالسياسة أو العسكرة. فيجب علينا الحفاظ عليها حتى في زمن الحروب.

وأضاف: “إن المناطق الأثرية بحسب اليونسكو، من المفروض حمايتها من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ورفع أعلام بيضاء عليها وفق بروتوكول جنيف  1954: (الحماية القانونية للممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح ضمن إطار القانون الدولي الإنساني التعاقدي والعرفي) التي تفرض على المنظمات الدولية تحييد هذه المناطق عن الصراع وحمايتها”.

ويرى المختصون أنه أمام هذه الصعوبات، لا بد من إيجاد صيغة تساهم في التنسيق بين قوى الثورة والمعارضة ممثلةً بالائتلاف السوري والحكومة المؤقتة ومجالس إدارة المدن والمحافظات المحررة لصيانة ورعاية المواقع والباركات الأثرية.

2

3

5

Click to comment

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

To Top