الافتتاحيات

طلعنا عالحرية: افتتاحية العدد 51

tl

ها قد مضى عام 2014 بكل ما حمله للسوريين من عنف ودماء ومصائب،  ولا يبدو حتى الآن أن العام القادم قد يحمل لنا أي أمل أو بشائر.

ويبدو أن السنوات المنقضية في عمر الثورة السورية لم ترسخ إلا اقتصاد الحرب وعقلية العنف وثقافة التطرف ورفض الآخر.

وبينما يبدو جلياً للقريب والبعيد أن العنف الذي بلغ أقصاه أو أكثر لم ولن يوفر أي حل في المدى المنظور، فلا تلوح في المقابل أية مبادرات سياسية جدية لنزع فتيل الأزمة.

ورغم أن السوريين قد فهموا  جميعاً أن المجتمع الدولي غير معني إلا باستمرار الحرب والقتل والتدمير، إلا أنهم وبكافة أطيافهم وأطرافهم لا يبدون سعياً جاداً لاجتراح الحلول من الواقع الذي يُكتب بالدم على جلودهم.. ويبدو وكأن غالبية الأطراف القائدة قد انغمست في واقع الحرب وأوجدت لها طرق عجيبة للاستمرار ومحاولة الاستفادة بأي شكل من مصائب البلد الذي أفرغ من نصف سكانه بينما يجلس نصفه الآخر على كف عفريت.

ويبدو أن شعبنا المسكين قد اعتاد الأمر ويأس من الحلول، وتشير بعض الإحصاءات إلى أن الناس لا تتوقع بداية نهاية للأزمة في غضون عشر سنوات.

 كل هذا صاحبه ارتداد كبير لغالبية ثورات الربيع العربي، مما جعل الكثيرين يعيدون حسابات مواقفهم إلى جانب هذه الثورات أو ضدها..! ومع محاولات  التهميش المستمر لإرادات الشعوب يجري منهجياً حصر الخيارات بين أنظمة فاسدة ومستبدة وتيارات تكفيرية متطرفة.

لكن ورغم كل السواد المسيطر، لا يبدو أن خيار التفضيل بين الثورات وما قبلها جاداً أو عقلانياً.. فالثورات انطلقت ولم تكن ايضاً خياراً مترفاً.. بل هي طرق التاريخ الإجبارية في إعادة الروح إلى الواقع، هي النفق المظلم الذي لا بد من عبوره للوصول إلى ساحة الضوء، هي إعلان استحالة العيش في ظل الأنظمة البائدة،  ومهما كان الثمن الذين على الشعوب أن تدفعه  فلا خيار أمامها إلا الاستمرار، حتى لو ابتليت بقيادات لا تسعى إلى تقصير أمد عذاباتها.

لا بد من صباح تشرق به الشمس، تطهر عفن الماضي وتدواي الجراح.

Click to comment

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

To Top