تقارير

سباق إلى مدينة الرقّة

موقع مرقاب

مرقاب

يكتب مارتن أنديك السفير الأمريكي الأسبق لدى تل أبيبب عن نهاية نظام الهيمنة الأمريكي في الشرق الأوسط، فالشرق الأوسط -بحسب ما أظهرته عقيدة أوباما– لم يعد مهما بالنسبة لأمريكا ولا يمكن إصلاحه ولا يجب التورط فيه، ويجب على أمريكا ترك بوتين ليغرق هناك.

قد يكون الإعلان الروسي المفاجئ الانسحاب من سوريا هو تجنب لهذا السيناريو، وسرعان ما سرت تكهنات تفيد بأن السبب هو محاولة روسية للضغط على الأسد لكي يتنازل. ومع أنه من غير المستبعد أن يكون هناك خلاف أجندات بين الطرفين بحكم طبيعة أهدافهم المختلفة في سوريا، إلا أن الأحداث تثبت أن النظام السوري وبوتين وإيران ما زالوا جميعاً على نفس الصفحة، ومن غير المتوقع بحال من الأحوال انفجار النزاعات بين بوتين والأسد ما لم يعلن الروس -ولو مداورة- عن استعدادهم لترحيل الأسد عن رأس السلطة وهذا أمر مستبعد.

سيكون نصر بوتين الكبير حين تعتمد الولايات المتحدة الأسد شريكاً محلياً ضدّ تنظيم الدولة، وليس من المستبعد أن ترضخ أمريكا لهذه الضغوطات بالنهاية، خاصة مع توجه الروس أكثر فأكثر لمحاربة تنظيم الدولة، والذي أثمر في نهاية المطاف بالسيطرة على مدينة تدمر التاريخية بعد معارك ضارية مع التنظيم امتدت طيلة شهر آذار.

يمثل سقوط تدمر انتصاراً كبيراً على الساحة الدولية لكل من الرئيسين بشار الأسد وفلاديمير بوتين. ومكاسبهما الجديدة هذه ستدعم مزاعم المحور الروسي-الإيراني-السوري في أنهم حققوا انتصاراً هاماً ضدّ التنظيم، وتعزيز مزاعمهم بوصفهم شريكاً في الحملة ضدّ تنظيم الدولة، وخاصة بعد حدوث تفجيرات بروكسل، كما يقوي هذا التقدم العسكري الرئيس السوري قبل محادثات جنيف 3، ويعيق قدرة التنظيم في الهجوم على غرب سوريا ويوفر منطقة حماية لحقول النفط والغاز الطبيعي الهامة للنظام والتي تؤمن الكهرباء في غرب سوريا. ومن المحتمل أن يستفيد النظام وحلفاؤه من تدمر ومنشآتها العسكرية كموقع متقدم لشن عمليات متابعة ومهاجمة للتنظيم في دير الزور والرقة، حيث يحدث ما يشبه السباق اليوم بين الروس والأمريكيين للسيطرة على الرقة.

تمثل جبهات الثوار في ريف حلب الشمالي وريف دمشق الشرقي مع تنظيم الدولة أهم جبهاتهم على الإطلاق؛ فهذه الجبهات هي منفذ المعارضة السورية الوحيد لكسب الشرعية والحماية الدولية. أما الجبهات ضدّ الأسد فمن الواضح أنها لن تحظى بدعم على أي حال، والخيارات المتاحة هي استغلال الحرب ضدّ تنظيم الدولة لتحقيق جزء من أهداف الثورة الأخرى، كما يحاول الجميع أن يفعل.

Click to comment

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

To Top