مقالات رأي

داعش: ISIS أو دولة العراق والشام (الإسلامية) (1)

raqqa

ينشغل العالم بداعش أكثر بكثير مما انشغل بسارس وانفلونزا الطيور والخنازير، وأكثر مما انشغل باحترار الأرض وتبدلات المناخ، في الوقت الذي يتجاهل فيه مآس حقيقية وكوارث فظيعة تجتاح حياة بلدان وشعوب كاملة، بل وتشكّل تهديداً أكيداً وليس محتملاً للأمن والسلم العالميين، يتجاهلها وكأنها لا تحدث، رغم تسمّم المناخات الإنسانية بين الشعوب لآماد طويلة، كما أنها تستبيح منظومة القيم الإنسانية التي يتغنى بها الجميع، دول، وأحزاب، ومنظمات مجتمع مدني، ومؤسسات دولية، وحقوقية وإنسانية، ما الذي يجعل مثل هذا التجاهل يحدث؟ وعلى أي أساس؟ وبأي طريقة تحدد الاهتمامات العالمية في الوقت الحاضر؟ ألا يجدر بنا أن نواجه أنفسنا ونضعها أمام هذا السؤال؟

وفيما يتعلق بداعش، هل نستطيع أن نسأل ماهي داعش؟ أين مكمن الخطورة في هذه الظاهرة؟ كيف نشأت؟ ما هو حجم التهديد الذي يمكن أن تشكله للمنطقة والعالم؟ ما هو حجم الجريمة التي تورطت بها؟ من تخدم من خلال سياساتها؟

أستغرب كيف ينظر العالم المؤسَّس على روح داعش وفلسفتها كيف يستهجنها ويستغربها؟ إذا كانت داعش في التحليل النهائي ليست إلا حالة تقوم على فلسفة أن من حقي أن أفرض على الآخرين ما أراه حقاً بالقوة، إنها حالة من الإكراه المدعوم بالقوة العارية. أعتقد أنها ليست أكثر من ذلك عندما نزيل كل عمليات التشويه التي صنعها الإعلام حولها.

إذا اتفقنا على هذا التعريف، فهل داعش ظاهرة نادرة الحدوث في عالمنا؟ أليست كل مؤسساتنا المحلية والدولية تقوم على حق القوة، وليس على قوة الحق، أليست مأساة السوريين صورة من صور فرض رأي ورؤية على شعب ووطن بالقوة العارية الفظيعة؟ أليست حالة من الإكراه الذي استمر لعقود؟ ولما رفع الشعب نداء الحرية تحركت القوة الضامن الوحيد لنظام القمع في سوريا، لتصبح مدوية صائتة وقد كانت صامتة لعقود، يدعمها النظام العالمي بتقاسم أدوار مفضوح ليس له هدف سوى إدارة المعركة بين الإكراه الذي يمثله النظام المحلي والعالمي واللا إكراه الذي رفع لواءه االثوار، في واحدة من أكثر المناطق أهمية بالعالم.

إذا كانت مؤسسات صناعة الرأي ومجلس إدارة العالم الداعشي بعمق الذي يسمى زورا (مجلس الأمن) والذي يسيره دواعش العالم الكبار، لا يحترم إلا إرادة الأقوياء، ويعطيهم الحق في فرض ما يريدون ويرون على العالم، فلماذا كانت لداعش كل هذه الظلال المرعبة المخيفة التي أفزعت االعالم (الحر)، وجعلته يتعايش مع فظائع عصابة دمشق التي امتدت لخمس سنوات من القتل اليومي المنظم الذي تتصاغر أمامه فظائع الخمير الحمر في كمبوديا، ربما يشبهه إلى حد ما ما صنعه بوتن في الشيشان، وكذلك أنست العالم مجازر الميليشيات الطائفية التي ذرعت البلاد في كل اتجاه لتترك حيث حلت فظاعات يشيب لهولها الولدان كما يقال!

ما المميز في داعش الذي يجعلها محط كل هذا الاهتمام؟ هذا ما سنتحدث عنه في مرة قادمة..

To Top