تكنولوجيا المعلومات

المناصرة الرقمية (Digital Advocacy)

8

كسب التأييد والحشد لقضية سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو لقضية فئة اجتماعية بهدف إحداث تغيير في واقع هذه الفئة وقضاياها ومشاكلها. فالمناصرة تعبير عن توجيه انتباه المجتمع (المحلي أو الدولي) إلى قضية مهمة، أو توجيه صانعي القرارات إلى البحث لإيجاد الحل.
تعنى المناصرة حشد التأييد والدعوة للمشاركة في صنع الخيارات التي تؤثر في حياة المواطنين. ومع ظهور الإنترنت والبريد الإلكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي ظهر مفهوم “المناصرة الرقمية”, والذي يعني المناصرة من خلال استخدام الأدوات الرقمية، حيث أصبح من الأسهل الوصول إلى أعداد أكبر من المؤيدين لقضية ما, أو الذين يقفون على الطرف الآخر منها, للـتأثير فيهم وبالتالي إحداث التغيير المطلوب. في السياق السوري حيث حالة الحرب الدائرة والقمع المتفاقم من قبل النظام والمجموعات المسلحة الأخرى, تصبح المناصرة الرقمية الخيار الأكثر أمنا بالنسبة للسوريين. تستند المناصرة إلى جملة من الأسس لا تتغير بتغير الوسيلة, وهي تنطبق على المناصرة الرقمية أو غيرها. لقد أصبحت الأدوات الرقمية جزء لا يتجزأ من أي حملة مناصرة في وقتنا الحالي, وتشمل هذه الأدوات العرائض الرقمية التي نراها على (Avaas) مثلا, وشبكات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر والبريد الإلكتروني والمواقع والمدونات. عند تصميم حملات المناصرة الرقمية يجب توفر أربعة عناصر أساسية لضمان نجاحها وهي:
– التركيز: يجب أن يكون لحملة المناصرة هدفا واضحا وممكن التحقيق من خلال حملة واحدة أو سلسلة من الحملات
– شد الانتباه: على الحملة الناجحة أن تتمكن من البروز والظهور بين الكم الهائل من المحتوى الذي يغرق الناشطون به فضاء الإنترنت.
– الجذب: على الحملة أن تكون قادرة على جذب الآخرين للانخراط فيها ودعمها واستقطاب آخرين لذلك. •- تحقيق نتيجة: على الحملة أن تمتلك الأدوات والقدرة لتمكين الآخرين من القيام بعمل ما وإحداث فرق وتغيير وخلق حراك متكامل حول موضوعها.
كيف نستخدم شبكات التواصل الاجتماعي في المناصرة الرقمية؟
تحتاج حملات المناصرة الرقمية إلى عمل جماعي مدروس وإلى حشد موارد مختلقه, ويبقى وضع خطة واضحة للحملة الأمر الأكثر أهمية في نجاحها. فماهي عناصر الخطة وكيف يتم إعدادها.
الهدف: حدد هدفك من الحملة بشكل واضح, ما هو الأمر الذي تريد للحملة أن تحققه؟ هل هو تغيير في القانون؟ هل هو وقف سن قانون جديد يهدد البيئة مثلا؟ هل هو تغيير المزاج العام حول قضية ما كموضوع المعتقلين مثلا؟ هل هو الضغط لإطلاق سراح معتقل بعينه؟
الجمهور: من هم الأفراد أو المجموعات التي تريد استهدافهم؟ هل هناك من فئات تريد الوصول إليها لإقناعها بالانضمام إلى الحملة وتوظيفها لخلق حراك كبير حول الموضوع؟ وما هو الدور الذي سيلعبه هؤلاء؟ كيف سيتم تمكينهم للانخراط بالحملة بشكل فعال؟ من هي المجموعات الأخرى المستهدفة التي تريد التأثير عليها لتغيير موقفها؟ هل هي الحكومة؟ هل هي البرلمان؟ هل هي الأوساط المالية؟ هل هي الجيش الحر؟ هل هي مؤيدي النظام مثلا؟ هل هي المنظمات الدولية للتحرك لمعالجة أمر ما؟ إن وضوح الهدف والجمهور هما اللبنتان الأساسيتان لنجاح حملة المناصرة.
الأدوات: بعد معرفة الهدف والجمهور عليك أن تطرح على نفسك السؤال التالي. ماهي الأدوات الأفضل لتحقيق هذا الهدف والوصول إلى هذا الجمهور؟ إذا كان جمهورك من المسنين البعيدين عن التكنولوجيا فلا جدوى لك من استخدام الإنترنت أبدا, وعليك التفكير ببدائل أخرى. أما إذا كان جمهورك من مستخدمي الإنترنت, فعليك أن تعرف ماهي المواقع والمنصات التي يزورها أو يستخدمها, في أي وقت من اليوم أو الأسبوع يتواجد أكبر عدد منهم عليها؟ هل هي تويتر؟ هل هو فيسبوك؟ هل هم من مستخدمي البريد الإلكتروني بشكل يومي ومنتظم؟ هل تتوفر معلومات عن الأوقات والأيام التي يطلعون فيها على رسائلهم؟ هل هم من مستخدمي الهاتف الذكي؟ تتوفر الكثير من هذه المعلومات حول الكثير من المناطق والبلدان على الإنترنت ويمكن الوصول إليها بسهولة بشيء من بالبحث, كما توفر المنصات نفسها بعض هذه المعلومات.
المضمون: بعد تحديد الهدف والجمهور والأدوات, عليك العمل مع الفريق لتطوير المضمون. على المضمون أن يحقق عددا من الشروط. عليه أن يناسب الأدوات التي تستخدمها. فيسبوك يختلف عن تويتر, والمدونات والبريد الإلكتروني تختلف عن بعضها وعن فيسبوك. تويتر مثلا هو أداة للتدوين القصير الذي لا يتجاوز 140 حرفا. منشورات تويتر يجب أن تكون مركزة وقصيرة. فيسبوك هو مكان أفضل لنشر الصور والرسومات, ويفسح المجال لنصوص أطول. النصوص الطويلة مثل المقالات والقصص يجب أن تنشر على المدونات مثل وورد بريس, أما المعلومات والتقارير وطلب توقيع العرائض الذي يجب أن يرفق بشرح, فيجب إرسالها بالبريد الإلكتروني.
المتابعة والتقييم: على القائمين على الحملة متابعة سيرها وتنفيذها. عليهم وضع مؤشرات معينة لمعرفة مدى نجاحها؟ قد تكون هذه المؤشرات أرقاما تشير إلى عدد الناس الذي تبنوا مضمونها وقاموا بنشره كعدد مستخدمي تويتر الذين قاموا بإعادة نشر تغريدات الحملة، وماهي المنشورات التي حظيت بالعدد الأكبر ثم معرفة السبب؟ هذا أمر يمكن في حالة حملات المناصرة الرقمية تتبعه من خلال أدوات مجانية كثيرة منها ما هو خاص بتويتر أو فيسبوك مثل (Tweet Mention) أو ( Keyhole)أو أكثر عمومية مثل (Google Analytics or Google Alerts). ويقاس النجاح أيضا بتحقيق الفرق أو التأثير المطلوب؟ هل توقفت الحكومة عن اعتقال الناس عشوائيا؟ هل توقت الكتائب عن اختطاف النشطاء؟ لا يقل التقييم أهمية عن عناصر الخطة الأخرى, ونشر النتائج بشكل دوري يعطي المشاركين مزيدا من الثقة بعملهم ويضمن مشاركتهم في حملات قادمة.
تتطلب حملات المناصرة الرقمية حشد جهود جميع المهتمين بالقضية, ولا تجدي الحملات الصغيرة والجهود المبعثرة, بل قد تعطي نتائج عكسية وقد تحط من شأن القضية رغم حيويتها مما قد يؤدي بالآخرين للنفور منها أو الانفضاض عنها كليا.

Click to comment

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

To Top