ثقافة

“الرقيب الخالد” يشارك في الملتقى السينمائى “اللمسات الأولى” بالاسكندرية

زياد-كلثوم

يُشارك الفيلم التسجيلي السوري “الرقيب الخالد” للمخرج الشاب زياد كلثوم، في الملتقى السينمائى “اللمسات الأولى” الذي يقام من ٢٠ حتى ٢٥ من آذار/ مارس الجاري، وذلك فى محطته الثانية بعد تونس العاصمة الشهر الماضي، والذي تنظمه مؤسسة جدارن للفنون والتنمية بالتعاون مع أرخبيل الصورة – مارسليا وجمعية نشاز – تونس والمركز الثقافى الفرنسي بالقاهرة.

الفيلم الذي فاز بعدد هام من الجوائز، كان أهمها “جائزة أفضل فلم تسجيلي طويل” بمهرجان “بي.بي.سي”، وجائزة في مهرجان لوكارنو السينمائي في سويسرا، ولدت فكرته أثناء إخراج فيلم “سلم إلى دمشق” لصاحب “الليل” و”أحلام المدينة” المخرج محمد ملص، يوم كان “كلثوم” يعمل معه آنذاك كمساعد مخرج. متناولاً قصة شاب سوري ضمن عالمين مختلفين: الأول يرصد حياة  مجند في الخدمة العسكرية الإلزامية، والثاني هو حياة نفس الشاب، أثناء عمله في تصوير أحد الأفلام السينمائية.

رحلة يوم واحد في أعماق المجتمع السوري..

في “الرقيب الخالد” (72 دقيقة، 2014)، عمل “كلثوم” في رحلة يوم عادي من عام 2012، ليقدم لنا لمحة عن رفاقه السوريين الآخرين وهم يكابدون الأسى والصدمة وفي نفس الوقت يحاولون مواصلة حياتهم العادية، إنها رحلة يوم واحد في أعماق المجتمع السوري يقوم بها الفيلم، ما يجعله أقرب إلى مسبار يستكشف المسكوت عنه في مجتمع تتوضّح خلف كل نأمة فيه معالم الخوف من الحاضر والمستقبل، والخوف على الماضي ومنه. من الصعب العثور على صفة أخرى غير الخوف تختزل الحال التي يقولها الفيلم عبر شخصياته التي يلتقيها، ويقدمها لنا.

ففي يوم من أيام تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، سوف يستيقظ الرقيب المجند زياد كلثوم، يغادر المكتب الذي يؤدي فيه خدمته العسكرية الالزامية، يمرّ على صالة “السينما العسكرية”، في مقرّ خدمته؛ (إدارة التوجيه السياسي في قوى الدفاع الجوي). ومن ثم يركب ميكروباص متجهًا لعمله الآخر، مساعدًا لملص في تصوير فيلمه، وسيعود الرقيب المجند في المساء، إلى الثكنة، وقد استكشفنا معه عوالم دمشق التي يمكنها أن تكون صورة مكثفة عن سوريا كلها. ليعلن بعدها الرقيب المجند انشقاقه عن الجيش، ويعلن عدم التحاقه بـ”الجيش السوري الحر”، أو أي جيش أو فصيل مقاتل، إذ إن سلاحه (الكاميرا). وإذ ذاك سوف يصير الرقيب المجند جديرًا بصفة “الرقيب الخالد”.

وفي هذا الفيلم يطير زياد كلثوم على أجنحة روائية لشخصيات نجح العمل إبداعيًا في الإقتراب من عوالمها المعتمة الحرجة، فأدهشت بمكنوناتها.

ويمكن القول إن ذكاء فكرة الفيلم، تتكامل مع تنفيذه، وبنائه، وسرديته، وقدرته على النفاذ إلى «وصف الحال السورية»، من دون أن يقولها مباشرة، بل عبر أصوات نازفة الألم والخوف.

محاكاة الواقع الدامي بالكاميرا

صُورت مشاهد الخدمة الإلزامية في الفيلم، عن طريق كاميرا الموبايل، وعن هذا الجانب يقول مخرج العمل، إن “الظرف هو الذي يتحكم بالأدوات المناسبة لإنجاز المواد السينمائية، وهي التي تفرض شرط الاستخدام وطريقة توظيفها بشكل مناسب”. توظيفٌ برع فيه زياد كلثوم فـ “الرقيب الخالد” هو فيلم أمام الكاميرا، وفيلم خلفها أمام كاميرا سرية. كأنما هي الحال السورية ذاتها، أو شكل آخر من اختزالاتها وتكثيفها. مجتمع محكوم بالسرية. الصمت عنوان السرية، والقول فضيحتها. الصورة السينمائية توازي القول ولا تقوله. إنها استعارة أو دلالة أو إحالة. هذه المرة لن نرى الحرب. بل سنعيشها. ولن نرى الطائرات. وإنما سنسمع زعيقها. ولن نرى القتلى. غير أننا سوف نسمع قصصهم وحكايتهم. كذلك لن نرى الدمار. لكن غباره سوف يخنقنا. ولن يكون الحديث عن المجتمع لأننا نحن هو. سنرى أنفسنا وراء الوجوه التي ظهرت أمام كاميرا “الرقيب الخالد”.

يُشار إلى أن المخرج الشاب زياد كلثوم، يقيم حاليًا في برلين، وهو من مواليد مدينة حمص السورية عام 1981. درس السينما في الاتحاد السوفياتي، وقبل إخراج الوثائقيات الطويلة، عمل كمساعد مخرج مع العديد من المخرجين مثل محمد ملص وحاتم علي وطلال ديركي وكذلك على مسلسلات تلفزية سورية. وقد اختير فيلمه الوثائقي الأول “أيدل” (آه يا قلبي) عام 2012 لمهرجان قرطاج السينمائي.

وبعد اندلاع الثورة السورية، خدم “كلثوم” كجندي احتياط، وفي الوقت ذاته كان يعمل أيضًا مساعدًا للمخرج محمد ملص. وفي العام 2015 حقق زياد كلثوم فيلمه الوثائقي الثالث “ديك بيروت”، وهو شريط طويل، صامت، خال من الكلام، اعتمد فيه على الصوت والموسيقى معًا، وفيه يرصد حياة وأوضاع 150 عامل بناء من سوريا يعملون في بيروت، يعيشون في حفرة تحت الأرض، يخرجون منها بشكل يومي على سلّم خشبي ليصلوا إلى مستوى الأرض ويذهبوا إلى عملٍ يومي يتكرر.

جدير بالذكر أن فعاليات الملتقى السينمائى “اللمسات الأولى”، تجمع بين العرض والنقد والإبداع. من خلال مجموعة من العروض السينمائية وورش العمل حول الكتابة النقدية والبرمجة والإخراج والتي سوف تدور أحداثه بالأماكن الفنية لمؤسسة جدران للفنون والتنمية ( وكالة بهنا – الكابينة).

Click to comment

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

To Top