تقارير

اكراد سورية: أعلنوا الحرب على التنظيمات الجهادية

يروي سكان مدينة سري كانيه (أو راس العين) قصصاً وحكايات عن الانتهاكات والفظائع التي ارتكبتها التنظيمات المتطرفة، عندما قررت نهاية العام 2012، تحرير المدينة من بقايا القوات الموالية للنظام السوري.

سري كانيه تقع في أقصى الشمال السوري تتبع ادارياً لمحافظة الحسكة، لاتزال شوارعها ينتشر فيها رائحة البارود والرصاص, وتُسمع فيها اصوات الرصاص هنا وهناك.

أما مدينة كوباني (أو عين العرب) التابعة لريف حلب، يستميت الأكراد في الدفاع عنها بعد أن شن تنظيم الدولة (داعش) معركة عليها منذ ثلاثة أشهر، وسيطر على ريفها وأجزاء منها وتسبب في فرار أغلبية سكانها.

وباتت المدينة محوراً للصراع في سوريا مع مشاركة طائرات التحالف الدولي الذي تشكل لقتال التنظيم في مناطق أنتشاره في سوريا والعراق.

جاؤوا ليحتلوها

بعد معارك استمرت لثلاثة أيام، أعلنت التنظيمات الجهادية سيطرتها على مدينة سري كانيه، وأذاعوا من على منابر الجوامع، عبارات متشددة أشهرها: “سلّم نفسك تسلم”، بينما كان شعار: “مالكم مالنا وحلالكم حلالنا”، الأكثر تطرفاً.

وبرز (الزعيم) وهو رجل في عقده السادس من مواليد سري كانيه، كأول كردي يحمل السلاح في وجه تلك التنظيمات، روى أنه “في عصر 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، شكلنا أول مجوعة كردية مسلحة مؤلفة من 12 متطوعاً من أبناء الحي لمحاربة الكتائب المتطرفة”، وعن سلاحه قال “منذ ثلاثين عاماً لم أطلق رصاصة واحدة به, ولكن عندما دخلت تلك الكتائب قررنا الدفاع عن اهلنا وشرفنا، هم جاؤوا للسيطرة على هذه المدينة الكردية، ونحن دافعنا عن وجودنا وتاريخنا وإرثنا”, وعن شعارات الجهاديين نقل الزعيم “قالوا: ناموسكم حلالنا ومالكم مالنا”، إلا أنه رد عليهم قائلاً: “خسئتم والزعيم ما بيركع إلا لله”.

وأشار الناشط في مجال حقوق الانسان محي الدين عيسو إنّ هدف تلك التنظيمات “جاؤوا ليحتلوها ولتفريغها من سكانها بحجة تحريرها من النظام السوري”، ويجزم عيسو “قيام المقاتلين بنهب وسرقة ممتلكات سكانها واعتدوا على كرامات الناس”، مضيفاً “لا حاضنة اجتماعية لمثل تلك التنظيمات في المناطق الكردية، ولم تتمكّن من اختراق مناطقنا”، لوجود قوة سياسية وعسكرية واجتماعية متماسكة للأكراد من ناحية، وللاختلاف الجذري بين قيم وعادات المجتمع الكردي عن قيم وفكر التنظيمات الجهادية من ناحية أخرى، بحسب محي الدين عيسو.

ويخشى مسؤولي الادارة الذاتية الديمقراطية المشتركة، أن تؤدي التطورات الأخيرة وتوسّع حروب (داعش) في سورية والعراق؛ الى تهديد النسيج الاجتماعي والسلم الاهلي والاستقرار الاقليمي والدولي للمنطقة برمتها.

بدوره، أكد الدكتور عبد الكريم عمر منسق العلاقات الخارجية لحركة (المجتمع الديمقراطي)، وأحد مسؤولي الادارة الذاتية، أن “أكراد سورية يتعرضون للهجمات منذ نحو عامين من التنظيمات المتطرفة، بدعم ومساندة من دول إقليمية تتصدّرها تركيا”، وأعرب أن “الأكراد خاضوا معارك شرسة ضد داعش، واستشهد المئات من المدنيين العُزّل، وأرسلوا لنا سيارات مفخخة وأحزمة ناسفة وارتكبوا مجازر بحق المدنيين”.

وعبر أنه “من حق مسؤولي الإدارة الخشية ممّا يجري، كونهم يعتبرون أن الاتفاق بين الأطراف الكردية والعربية والسريانية، التي قسّمت مناطق شمال وشمال شرق سورية الى ثلاث كانتونات: مقاطعة الجزيرة، مقاطعة كوباني، مقاطعة عفرين”، والتي تشكل نموذج حلّ لسورية المستقبلية، وتعكس صورة الدولة الديمقراطية التعددية اللامركزية.

حرب كوباني

مضى ثلاثة أشهر من المعارك الدائرة في مدينة كوباني بين وحدات حماية الشعب الكردية وتشكيلات من الجيش الحر، بمساندة قوات البشمركه من جهة، وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من جهة ثانية. إلا أن البلدة لا تزال منقسمة السيطرة بين الطرفين.

من جانبه، أخبر محي الدين الشيخ آلي سكرتير عام حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي) ان “مدينة كوباني وريفها، شهدت ولاتزال حصاراً خانقاً ومحاولات اقتحام عديدة من قبل داعش، بمؤازرة من تنظيمات مسلحة أخرى لما يقارب أكثر من عام”.

ويصف الشيخ آلي معركة التنظيم الأخيرة بـ “الغزو”، ويضيف “بعد استيلائه على أسلحة متطورة من الجيشين العراقي والسوري- وإعلانه الخلافة الإسلامية- وامتلاكه أموال كبيرة، ينوي التمدد أكثر في سوريا والعراق”، وقال: “كان ولايزال لوحدات حماية الشعب الكردي YPG الدور الأبرز والأساسي في الدفاع عن المدينة، مدعومة بحاضنة شعبية كردية واسعة”.

وبعد صمود دام لأكثر من 40 يوم، أرسلت حكومة إقليم كردستان قوة مؤازرة من حوالي 150 من عناصر البيشمركه ولقى ذلك ترحيباً كبيراً من قبل الكرد في كل مكان.

ويعتبر الشيخ آلي أن “أكراد سوريا في منطقة كوباني وغيرها في موقع الدفاع عن النفس”، أما (داعش) وصفها بالقوة “الاحتلالية” ولفت أنها “تسعى السيطرة على أكبر مساحة من الأراضي وإعلان خلافته عبر الغزو والنهب والقتل والتحكم بموارد البترول والمنافذ الحدودية”، وأكد إنّ “الوسط الكردي في كل من العراق وسوريا يشكل عقبة أساسية أمام تنفيذ مخططها التوسعي”.

وبحسب قيادات كردية ميدانية تخضع نصف المدينة لسيطرتهم، بدءا من سوق الهال، وجامع حاج شكري وصولا إلى تخوم حي الصناعة شرقا، والجهة الشمالية تخضع كاملة لهم، ثانوية عين العرب، ومدرسة الوحدة والجامع الكبير. وفي الجهة الجنوبية، وصلت القوات الكردية إلى دوار البلدية، وتدور اشتباكات عنيفة للسيطرة على الأخيرة، كما لا تزال ساحة الحرية منقسمة السيطرة، وتدور اشتباكات عند طريق حلب الدولي وكازية حاج شكري. أما غربا، فلم يحقق تنظيم (داعش) أي تقدم يذكر.

وترى الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي آسيا عبد الله أن “الهدف الأول من حرب تنظيم داعش هو إفراغ كوباني من سكانها الأكراد والسيطرة عليها”، وأردفت “المدينة محاصرة منذ حوالي عامين من جهاتها الأربع، ثلاث مع سوريا والجهة الرابعة مع تركيا التي أغلقت المنفذ الحدودي الوحيد المتبقي بين المدينة والعالم الخارجي”.   وطالبت آسيا عبد الله “كل ما نحتاج إليه حالياً وبشكل سريع هو فتح ممر إنساني لتسهيل دخول المساعدات الإغاثية للأهالي والمدنيين المتبقين، ويجب أن يكون تحت إشراف وحماية الأمم المتحدة”.

 

Click to comment

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

To Top